روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | الزيارة.. فضائل وآداب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > الزيارة.. فضائل وآداب


  الزيارة.. فضائل وآداب
     عدد مرات المشاهدة: 3678        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:

فلا شك أن الزيارة للإخوان في الله، والأصدقاء، والأقارب تقربًا إلى الله، وطاعة له سبحانه، وحرصًا على بقاء المودة والمحبة، وعلى صلة الرحم من أفضل القربات، ومن أفضل الطاعات، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «يقول الله عز وجل: وجبت محبتي للمتزاورين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتحابين فيّ، والمتباذلين في».

إن زيارة الأقارب والجيران والأصدقاء، وغيرهم من عموم المسلمين؛ وسيلة من وسائل توثيق المودة، وتآلف القلوب، وتقوية الروابط، وفيها يتذكر الناسي، وينبّه الغافل، ويعلَّم الجاهل، ويروح بها عن النفوس، وتخفف المصائب والأحزان، وغير ذلك من الفوائد المرجوة من وراء الزيارات.

والزيارات أنواع متعددة؛ فمنها الزيارة الواجبة؛ كزيارة الوالدين، وصلة الأرحام ففي الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أجله، فليصل رحمه». ويقول عليه الصلاة والسلام: «لا يدخل الجنة قاطع رحم».

فصلة الرحم من أفضل القُربات، وقطيعتها من أقبح السيئات.

ومن الزيارات ما هو مستحب، كزيارة الجيران، والأصدقاء والخلان، وما إلى ذلك.

وبما أن الإنسان تكثر مشاغله وأعماله؛ فربما لا يكون لديه وقت لزيارة من تستحب أو تجب زيارته إلا في المناسبات، وفي فترات الإجازات الرسمية كالأعياد؛ فإن من المشاهد أن الزيارات تكثر في المناسبات، وهذا أمر يحمد عليه من يقوم به.

ومن المناسب هنا أن نذكِّر ببعض آداب الزيارة، فمن ذلك:

أولًا: أن يبتغي بزيارته وجه الله تعالى:

فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكا. فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربُّها عليه؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله تعالى. قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه».

وعن أبي هريرة أيضًا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد: بأن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا».

فعلى الزائر أن يستحضر النية الصالحة عند زيارته.

ثانيًا: اختيار الوقت المناسب، واليوم المناسب:

وذلك بأن يحدد موعدا للزيارة عبر الهاتف أو رسالة الجوال أو ما أشبه ذلك من وسائل الاتصال، ويتجنب الأوقات التي يغلب على الظن أن صاحب الدار لا يحب أن يأتيه أحد فيها باعتبارها وقت راحة، أو وقت مذاكرة لنفسه أو لأولاده... إلخ.

ثالثًا: أن يراعي آداب الاستئذان:

فيستأذن على أهل البيت ويسلم عليهم إذا كان البيت مفتوحًا، ثم ليقل: أأدخل؛ فإن ذلك من الآداب الشرعية التي أدّب الله بها عباده المؤمنين؛ فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [سورة النــور: 27].

وفي الحديث أن رجلًا من بني عامر استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت فقال: ألج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لخادمه: «اخرج إلى هذا فعلّمه الاستئذان، فقل له: قل: السلام عليكم، أأدخل؟»، فسمعه الرجل فقال: السلام عليكم، أأدخل؟ فأذن له النبي فدخل.

- والاستئذان يكون ثلاثًا، فإن أذن له وإلا انصرف، لقوله تعالى: {وَإِن قِيلَ لَكُمْ ارْجِعُواْ فَارْجِعُواْ هُوَ أَزْكَى لَكُمْ} [سورة النور: 28].

وثبت في الصحيح أن أبا موسى حين استأذن على عمر ثلاثًا، فلم يؤذن له انصرف، ثم قال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس يستأذن؟ ائذنوا له، فطلبوه فوجدوه قد ذهب فلما جاء بعد ذلك، قال: ما رجعك؟ قال: إني استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فلينصرف». الحديث..

- ومن آداب الاستئذان أن يدق الباب برفقٍ ولين، وأن يقف عن شمال الباب أو يمينه، ولا يقف متوسطًا، وأن يحفظ بصره من التطلع إلى داخل البيت:

ففي الحديث عن عبد الله بن بُسْر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باب قوم، لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: «السلام عليكم، السلام عليكم».

وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فَخَذَفته بحصاة، ففقأت عينه، ما كان عليك من جناح».

- وإذا ما استعلم صاحب البيت فليجب فلان بن فلان، ولا يقول: أنا؛ فعن جابر قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دين كان على أبي فدققت الباب فقال: «من ذا؟» فقلت: أنا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أنا أنا!!» كأنه كرهها.

قال ابن كثير رحمه الله: (وإنما كره ذلك لأن هذه اللفظة لا يُعرَف صاحبها حتى يُفصح باسمه أو كنيته التي هو مشهور بها، وإلا فكل أحد يُعبِّر عن نفسه بأنا؛ فلا يحصل بها المقصود من الاستئذان، الذي هو الاستئناس المأمور به في الآية).

رابعًا: أن تخلو الزيارة من المخالفات الشرعية:

كالاختلاط، والمصافحة للنساء الأجنبيات، أو مشاهدة القنوات الفضائية الفاسدة، وما إلى ذلك من الأمور المنكرة.

خامسًا: أن تكون الزيارة قصيرة ومختصرة:

وذلك فيما إذا كانت الزيارة غير واجبة وغير مقصودة من مكان بعيد، ذلك أن الزيارة الطويلة تفضي إلى الملل، وتضيع الأوقات، وتجعل الزائر ثقيلًا، وقد تُذهب وده.

سادسًا: استغلال مدة الزيارة بما ينفع:

من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، بدلا من إهدار الوقت الثمين فيما لا يعود على الزائر والمزور بخير.

قال ابن القيم- رحمه الله تعالى- الاجتماع بالإخوان قسمان:

أحدهما: اجتماع على مؤانسة الطبع وشغل الوقت، فهذا مضرته أرجح من منفعته، وأقل ما فيه أنه يفسد القلب ويضيع الوقت.

الثاني: الاجتماع بهم على التعاون على أسباب النجاة والتواصي بالحق والصبر فهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها، ولكن فيه ثلاث آفات:

إحداها تزين بعضهم لبعض.

الثانية: الكلام والخلطة أكثر من الحاجة.

الثالثة: أن يصير ذلك شهوة وعادة ينقطع بها عن المقصود.

وبالجملة فالاجتماع والخلطة لقاح إما للنفس الأمارة، وإما للقلب والنفس المطمئنة، والنتيجة مستفادة من اللقاح فمن طاب لقاحه طابت ثمرته.انتهى كلامه رحمه الله.

سابعًا: أن يدعو الزائر للمزور في نهاية الزيارة:

وأن يثني عليه، ويشكره فإن من لا يشكر الناس لا يشكر لله؛ فقد جاء في حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لمن تناول عنده تمرًا: «اللهم بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم، وارحمهم». وذلك فيما إذا ما تناول الزائر طعامًا أو شرابًا عند المزور. وجاء في حديث المقداد عند مسلم وفيه: «... اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني...».

وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى سعد بن عبادة فجاء بخبز وزيت فأكل ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة».

وعن أُسامةَ بن زيد رضي اللّه عنهما عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: «مَنْ صُنِعَ إِلَيْه مَعْرُوفٌ فَقالَ لِفاعِلِهِ: جَزَاك اللَّهُ خَيْرًا، فَقَدْ أبْلَغَ في الثَّناء».

فعلى المسلم أن يتأدب بما أدبه الله ورسوله، وليكن متقيدًا بما شرعه الله ورسوله، وليحذر من مخالفة أمره وارتكاب نهيه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المصدر: موقع الشبكة الإسلامية.